اللحوم والملح وهشاشة العظام.. د. ضياء الحاج حسين

هشاشة أو تخلخل العظام (هي حالة مرضية تصيب الإنسان تتميز بحدوث مسامية غير طبيعية في العظام أو رقتها نتيجة عدم إنتاج مقدار كاف من بروتين العظام التي تترسب فيه أملاح الكالسيوم. وتعني أن العظام خسرت كميات كبيرة من الكالسيوم، ذلك المعدن المهم لبقائها قوية ومتينة وكما نعلم بأن العظام تمربحركة تجديد مستمرة حيث تبنى أنسجة عظمية جديدة لتحل محل الخلايا القديمة ثم يتبع ذلك عملية تكثيف مليء خلايا العظام بعنصر الكالسيوم لإعطاء العظام الصلابة والقوة التي تصل ذروتها في بداية سن الأربعين ثم تبدأ في الإنخفاض تدريجيا كلما تقدم العمر حيث أن سرعة تلاشي العظام تفوق سرعة بنائها مما يفقد العظام كثافتها وتزيد من مساميتها وتصبح العظام أكثر عرضة للكسور. وقد تبين أن الأشخاص الذين يعتمدون في طعامهم على الوجبات السريعة ويتناولون كميات قليلة من الحديد ومنتجات الألبان الغنية بالكالسيوم يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالمرض عندما يبلغون سن الشيخوخة. ونتيجة لما طرأ على المجتمعات العربية من التغير المفاجئ في سلوك ونمط الحياة لدى الناس إضافة إلى التغير ملحوظ في نوعية الغذاء والتي أصبحت إلى حد كبير مشابهة لما عليه في الدول الغربية من إنتشار للأكلات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات والشوكالاتات فأتوقع أنه تزداد الإصابة بهشاشة العظام لدى هذه المجتمعات بصورة مفاجئة وكبيرة. ومن العوامل المساعدة على ظهور هشاشة العظام: عوامل أولية مثل تقدم السن وخاصة النساء والوزن واللون وانقطاع الطمث.اما العوامل الثانوية فهي كثيرة أذكر منها: نقص الكالسيوم بسبب عدم تناول كميات كافية من الحليب ومشتقاته، التدخين حيث أن تدخين السجائر يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على إعادة ترتيب العظم أو يمكن أن يؤثر بشكل ثانوي على وظيفة المبيض. كما ان تناول الكحول والمشروبات الغازية والإفراط في الشاي والقهوة وازدياد تناول البروتينات (اللحوم) والفوسفور قد يعتبر من العوامل المؤهبة لهشاشة العظام.
وفي المجتمعات الغربية فان نسبة الاصابة ترتفع الى 50% بعد عمر الستين. وفي دراسة حديثة تبين ان هذه النسبة تنخفض الى 19% في كوريا. وقد يكون السر في البروتين النباتي حيث ان الكوريات لا يقبلن على اللحوم والوجبات السريعة مثل الهامبورجر والدجاج المقلي. وقد اثبتت الابحاث الطبية ان تلك الوجبات الغنية بالبروتين الحيواني تضاعف نسبة الحموضة في الجسم وكلما ارتفعت نسبة الحموضة ادى ذلك الى إنحلال العظم في محاولة للتخفيف من الحمض الزائد حيث لا يستطيع الجسم نحمل التغيرات في مستوى الحامض في الدم فيستنفذ مخزونات الكالسيوم من العظام. وكلما أكثرت من تناول البروتين كلما إزدادت حاجتك للكالسيوم ففي دراسة نشرتها مجلة التغذية الأمريكية بأن تناول 95 غ بروتين يومياً يؤدي إلى فقدان 58 ملغ ومعنى ذلك خسارة 20% من نسبة الكالسيوم في الجسم خلال 10 سنوات. كما ان هناك دراسة اخرى وجدت بان تناول 50غ بروتين يؤدي الى طرح 60ملغ كالسيوم عن طريق البول. وقد تبين ان تناول 1 غ من الملح يؤدي الى فقدان 20-40 ملغ كالسيوم. فالبرنامج الغذائي المحتوي على كمية قليلة من الملح والبروتين فان الشخص يحتاج الى 450 ملغ كالسيوم بينما تناول كمية عالية منهما يزيد من احتياج الشخص الى 2000 ملغ كالسيوم باليوم فمثلا ساندوتش البرغر يفقد 22 ملغ كالسيوم مع البول. وبدلا من الهامبورجر تأكل الكوريات الخضروات بكثرة ومنتجات الصويا والسمسم لذا فان نسبة الهشاشة عندهن منخفضة مقارنة بالدول العربية او الغربية. وللأمانة العلمية فلابد من التنبيه بان بعض الدراسات لم تجد العلاقة بين زيادة تناول البروتين وهشاشة العظام. كما وجدت بعض الدراسات العلمية بأن زيادة الدهون في الوجبة الغذائية تعتبر من العوامل المساعدة على هشاشة العظام حيث أن وجود الدهون وخاصة الحيوانية بكثرة يقلل من نسبة امتصاص الكالسيوم. وبالعكس فقد اكتشف الباحثون في جامعة بيوردو الأمريكية أن الدهون الغذائية الموجودة في الأسماك والمكسرات تلعب دورا مهما في الوقاية من هشاشة العظام وترققها. ولنتجنب هشاشة العظام فانصح القراء بالإكثار من الأغذية الغنية بالكالسيوم والمغنزيوم مثل الحليب ومشتقاته والخضار والسردين والسمسم نظرا لخاصيتها في تقوية للعظام. وأنصح ايضا بتجنب الأطعمة التي تقوم بتسريع معدل فقدان الكالسيوم من العظام مثل السكر واللحم والملح والمشروبات الغازية والقهوة والشاي والإقلال من الدهون والابتعاد عن التدخين حيث أنه يزيد من خطر وهن العظام.

حجز موعد